قصة اليوم: البلبل والعصفور والثلج
بالأمسِ تساقطُ الثلجُ الجميلُ، فغطَّى الأرضَ والأشجارَ والسطوحَ؛ واليومَ سطعتِ الشمسُ الدافئةُ.
نظرتُ من الشرفةِ، فأعجبني المنظرُ البديعُ.
قلتُ لنفسي: سأصعدُ إلى السطحِ، لأتمتَّعَ بجمال الطبيعةِ الخلاَّب, ولكني تذكَّرتُ البلبلَ الصامتَ الذي لم يغرّدْ منذ يومين. لعلّه يحسُّ بالبردِ لذلك حملتُ القفصَ، وصعدتُ إلى السطحِ، ووضعتُهُ قريباً مني، تحتَ أشعَّةِ الشمسِ الدَّافئةِ، فنفشَ البلبلُ ريشَهُ، وقفزَ، وغرَّد قليلاً ثم صمت.
وبينما كنتُ أرسلُ نظري إلى الأفقِ البعيدِ، أتمتّع بمنظرِ البساطِ الناصعِ البياضِ الذي يكسو الأرضَ، سمعتُ زقزقةً صاخبةً، وشاهدتُ عصفوراً كان يقف على حافَّةِ المدخنة.
قلت لنفسي: لعلَّ العصفورَ يحسّ الآن بالبرد، ويريدُ أن يأوي إلى مكانٍ دافئٍ.
وفي الحالِ، اقتربتُ من القفصِ، وفتحتُ البابَ، ثم ابتعدتُ عنه، لعلَّ العصفورَ الغريبَ يستأنسُ بالبلبلِ فيأتي إليهِ، ويدخلُ القفصَ.
غرَّدَ البلبلُ، فردَّ العصفورُ بزقزقةِ عذبةً. فرحتُ كثيراً، وحسبتُ أنهما يتبادلان الحديثَ، وأن العصفورَ لابدَّ أن يأتيَ إلى القفصِ ليأكلَ الحبَّ ويشربَ الماءَ، ويشاركَ البلبلَ في مسكنهِ الدافئ, ولكنْ ياللعجب! كم كانت دهشتي كبيرةً حين شاهدتُ البلبلَ يخرجُ من القفصِ ويطيرُ إلى المدخنةِ، حيث يقفُ العصفورُ.
ويرسلُ الاثنان ألحاناً عذبةً رائعةً، ثم يطيرانَ معاً، ويحلّقان في السماءِ الصافيةِ الزرقاءِ.